كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال الراغب‏:‏ الفرق بين الفرح والسرور أن السرور انشراح الصدر بلذة فيها طمأنينة الصدر عاجلاً وآجلاً والفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة غير آجلة وذلك في اللذات البدنية الدنيوية وقد يسمى الفرح سروراً وعكسه لكن على نظر من لا يعتبر الحقائق ويتصور أحدها بصورة الأخذ‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ عن أحمد بن حفص عن سليم بن شبيب عن عبد اللّه بن يزيد المقري عن ابن لهيعة عن هشام عن عروة ‏(‏عن عائشة‏)‏ أورده الجوزي من هذا الوجه في الموضوعات وقال ابن لهيعة ضعيف ‏[‏ص 469‏]‏ وأحمد بن حفص منكر الحديث انتهى وفي الميزان أحمد بن حفص السعدي شيخ ابن عدي صاحب مناكير وقال ابن عدي هو عندي لا يتعمد الكذب‏.‏

2322 - ‏(‏إن في الجنة داراً يقال لها الفرح‏)‏ أي وهي على غاية من النفاسة والبهجة بحيث تعد من الفرائد وتتميز على غيرها بفضل حسن كما يفيده السياق ‏(‏لا يدخلها إلا من‏)‏ أي إنسان ‏(‏فرح يتامى المؤمنين‏)‏ بشيء مما مرّ لأن الجزاء من جنس العمل فمن فرح من ليس له من يفرحه فرحه اللّه بإسكان تلك الدار العلية المقدار الرفيعة المنار فإن قلت‏:‏ ظاهر التقييد هنا اليتيم أن المراد بالصبيان فيما قبله اليتامى دون غيرهم قلت‏:‏ الأقعد أن يراد ثم مطلق الصبيان وتكون الدار غير هذه لكن تكون هذه الدار أنفس لأن تفريح الأيتام أفضل وإن كان تفريح كل شيء فاضلاً‏.‏

- ‏(‏حمزة‏)‏ أبو القاسم ‏(‏بن يوسف‏)‏ بن إبراهيم بن موسى ‏(‏السهمي‏)‏ بفتح السين المهملة وسكون الهاء نسبة إلى سهم بن عمرو وهو الجرجاني الحافظ له تصانيف معروفة ‏(‏في معجمه‏)‏ أي معجم شيوخه ‏(‏وابن النجار‏)‏ في تاريخه أي تاريخ بغداد كلاهما جميعاً عن محمد بن القاسم القزويني عن أبي الحسن الوراق عن علي بن عبد اللّه عن محمد بن أحمد بن يزيد الحراني عن محمد بن عمرو بن خالد عن أبيه عن ابن لهيعة عن ابن غسانة ‏(‏عن عقبة بن عامر الجهني‏)‏‏.‏

2323 - ‏(‏إن في الجنة باباً يقال له الضحى‏)‏ أي يسمى باب الضحى ‏(‏فإذا كان يوم القيامة نادى مناد‏)‏ من قبل اللّه تعالى من الملائكة أو غيرهم ‏(‏أين الذين كانوا يديمون على صلاة الضحى‏)‏ في الدنيا فيأتون فيقال لهم ‏(‏هذا بابكم‏)‏ أي الذي أعده اللّه لكم ‏(‏فادخلوه‏)‏ فرحين مسرورين ‏(‏برحمة اللّه‏)‏ لا بأعمالكم فالمداومة على صلاة الضحى لا توجب الدخول منه ولا بد وإنما الدخول بالرحمة لما تقرر في غير ما موضع أن العمل الصالح غير موجب للدخول بل إنما يحصل به الاستعداد للذي يتفضل عليه ‏{‏إن رحمة اللّه قريب من المحسنين‏}‏ وهذا تنويه عظيم بصلاة الضحى وهي سنة وما ورد مما يخالفه مؤول‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي هريرة‏)‏ قال الهيثمي وفيه سليمان بن داود اليمامي قال ابن عدي وغيره متروك‏.‏

2324 - ‏(‏إن في الجنة بيتاً يقال له بيت الأسخياء‏)‏ أي يسمى بين أهل الجنة والملائكة بذلك والسخي الكريم والمراد أن لهم فيها بيتاً عظيم الشأن يختص بهم دون غيرهم وقياس ما سبق فيما قبله أن يقال لا يدخله إلا الأسخياء والسخاء بالمد الجود والكرم ومقصود الحديث الحث على السخاء وتجنب البخل‏.‏

- ‏(‏طس عن عائشة‏)‏ وقال تفرد به جحدر بن عبد اللّه وقال الهيثمي ولم أجد من ترجمه‏.‏

2325 - ‏(‏إن في الجنة لنهراً‏)‏ بفتح الهاء في اللغة العالية وهو المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر ذكره الزمخشري وقال غيره هو ما بين حافتي الوادي سمي به لسعة ضوئه ‏(‏ما يدخله جبريل من دخلة‏)‏ بكسر الميم جار ومجرور الجار زائد أي مرة واحدة من الدخول ضد الخروج ‏(‏فيخرج منه فينتفض إلا خلق اللّه تعالى من كل قطرة تقطر منه ‏[‏ص 470‏]‏ ملكاً‏)‏ يعني ما ينغمس فيه جبريل عليه السلام انغماسة فيخرج منه فينتفض انتفاضة إلا خلق اللّه تعالى من كل قطرة تقطر منه من الماء حال خروجه منه ملكاً يسبحه دائماً فقوله إلا إلخ هو محط الفائدة وهذا الحديث يوضحه ما رواه العقيلي بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي اللّه عنه مرفوعاً في السماء بيت يقال له المعمور بحيال الكعبة وفي السماء الرابعة نهر يقال له الحيوان يدخل فيه جبريل عليه السلام كل يوم فينغمس فيه انغماسة ثم يخرج فينتفض انتفاضة فيخرج منه سبعون ألف قطرة فيخلق اللّه تعالى من كل قطرة ملكاً يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور فيصلون فيه ثم يخرجون فلا يعودون إليه أبداً فيتولى عليهم أحدهم ثم يؤمر أن يقف بهم من السماء موقفاً يسبحون اللّه تعالى فيه إلى أن تقوم الساعة انتهى قال ابن الجوزي موضوع فقال المؤلف ما هو بموضوع قال ابن حجر رحمه اللّه واستدل به على أن الملائكة أكثر المخلوقات لأنه لا يعرف من جميع العوالم من يتجدد من جنسه كل يوم سبعون ألفاً غير ما ثبت من الملائكة في هذا الخبر‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏‏)‏ الأصبهاني ‏(‏في العظمة‏)‏ أي في كتاب العظمة له عن إبراهيم بن محمد بن الحسن عن ابن عبد اللّه المخزومي عن مروان بن معاوية الفرازي عن زياد بن المنذر عن عطية ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري ورواه عنه أيضاً الحاكم والديلمي قال المؤلف وزياد بن المنذر ضعفه أبو حاتم‏.‏

2326 - ‏(‏إن في الجنة نهراً‏)‏ من ماء ‏(‏يقال له رجب‏)‏ أي يسمى ذلك بين أهلها ‏(‏أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل من صام يوماً من شهر رجب سقاه اللّه من ذلك النهر‏)‏ فيه إشعار باختصاص ذلك الشرب بصوامه وهذا تنويه عظيم بفضل رجب ومزية الصيام فيه وفيه كالذي قبله رمز إلى فضل الأنهار وأنها أعظم ماء منّ اللّه به على عباده في الدارين قال الزمخشري‏:‏ أنزه البساتين وأكرمها منظراً ماء أشجاره مظللة والأنهار في خلالها مطردة ولولا أن الماء الجاري من النعمة العظمى واللذة الكبرى وأن الجنان والرياض وإن كانت آنق شيء وأحسنه لا تروق النواظر وتبهج النفوس وتجلب الأريحية والنشاط حتى يجري فيها الماء وإلا كان الأنفس الأعظم فائتاً والسرور الأوفر مفقوداً‏.‏

- ‏(‏الشيرازي في‏)‏ كتاب ‏(‏الألقاب هب عن أنس‏)‏ قال ابن الجوزي هذا لا يصح وفيه مجاهيل لا يدري من هم انتهى وفي الميزان هذا باطل‏.‏

2327 - ‏(‏إن في الجنة درجة‏)‏ أي منزلة عالية ‏(‏لا ينالها إلا أصحاب الهموم‏)‏ يعني في طلب المعيشة كذا في الفردوس والهم بالفتح الحزن والقلق وأهمني الأمر بالألف أقلقني وهمني هماً من باب قتل مثله واهتم الرجل بالأمر قام به كذا في المصباح‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ تقول أي العرب أهمه الأمر حتى أهرمه أي أذابه ووقعت السوسة في الطعام فهمته هماً أي أكلت لبابه واهتم به ونزل به مهم ومهمات‏.‏

- ‏(‏فر عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً أبو نعيم وعنه أورده الديلمي فلو عزاه المصنف إليه لكان أولى‏.‏

2328 - ‏(‏إن في الجمعة ساعة‏)‏ أي لحظة قيل وليس المراد هنا الفلكية ‏(‏لا يحتجم فيها أحد إلا مات‏)‏ أي بسبب الحجم وقوله في الجمعة أي في يومها ويحتمل أن المراد في ساعة من الأسبوع جميعه فالأول أقرب وفي الخبر ما يدل عليه‏.‏ ‏[‏ص 471‏]‏

- ‏(‏ع‏)‏ عن يحيى بن العلاء عن زيد بن أسلم عن طلحة بن عبيد ‏(‏عن الحسين بن علي‏)‏ فيه يحيى بن العلاء وهو كذاب وقال الذهبي في التنقيح في إسناده مثل يحيى بن العلاء وهو متروك انتهى وقال في الميزان يحيى بن العلاء البجلي ضعفه جماعة وقال الدارقطني متروك وقال أحمد كذاب يضع الحديث ثم سرد له مما أنكر عليه أخباراً هذا منها انتهى وحكم ابن الجوزي بوضعه فقال موضوع تعقبه المؤلف بأنه رواه البيهقي من حديث ابن عمر بلفظ إن في الجمعة ساعة لا يحتجم فيها من يحتجم إلا عرض له داء يشفى منه وقال عطاء أحد رجاله ضعيف‏.‏

2329 - ‏(‏إن في الحجم شفاء‏)‏ أي من غالب الأمراض لغالب الناس في قطر مخصوص في زمن مخصوص هكذا فافهم كلام الرسول ولا عليك من ضعفاء العقول فإن هذا وأشباهه يخرج جواباً لسؤال معين يكون الحجم له من أنفع الأدوية ولا يلزم من ذلك الإطراد‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ من حديث عاصم ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه قال عاصم إن جابر بن عبد اللّه عاد المقنع ثم قال لا أبرح أحتجم حتى يحتجم فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره‏.‏

2330 - ‏(‏إن في الصلاة شغلاً‏)‏ وفي رواية لشغلاً باللام قال القرطبي‏:‏ اكتفى بذكر الموصوف عن الصفة فكأنه قال شغلاً كافياً أو مانعاً من الكلام وغيره وقال غيره‏:‏ تنكيره يحتمل التنويع أي أن شغل الصلاة قراءة القرآن والتسبيح والدعاء لا الكلام أي شغلاً أي شغل لأنها مناجاة مع اللّه واستغراق في خدمته فلا تصلح للشغل فإن قيل فكيف حمل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أمامة بنت أبي العاص في صلاته على عاتقه وكان إذا ركع وضعها وإذا رفع من السجود أعادها قلنا إسناد الحمل والوضع والرفع إليه مجاز فإنه لم يتعمد حملها لكنها على عادتها تتعلق به وتجلس على عاتقه وهو لا يدفعها فإذا كان علم الخميصة يشغله عن صلاته حتى استبدل بها فكيف لا تشغله هذه‏؟‏ قال بعض الأولياء‏:‏ وقل من يشتغل برعاية مخارج الحروف والترقيق والتفخيم والإدغام والإقلاب ونحو ذلك إلا اشتغل عن الصلاة وفاته الحضور مع اللّه الذي هو روحها لأن النفس ليس في إمكانها الإشتغال بشيئين معاً وقال الغزالي‏:‏ بين بهذا الخبر أن الاستئناس بالناس من علامات الإفلاس فإذا رأيت نفسك معرضة عن الصلاة متطلعة إلى كلام الناس وملاقاتهم بلا حاجة فاعلم أنه فضول ساقه الفراغ إليك فإذا أعطيت الصلاة حقها وجدت حلاوة المناجاة واستأنست بها واشتغلت عن الخلق واستوحشت من صحبتهم والمصلون وافدون إلى باب الملك فمنهم من يقرع بأنامل فقره معتذراً من ذنوبه مؤملاً أن يفتح له باب الغفر ليطفىء نيران مخالفته وهم الظالمون ومنهم من يقرع بأنامل رجائه لقبول العمل وجزيل البر والثواب وهم المقتصدون ومنهم من يقرع بأنامل التعظيم متدللاً مغضياً عن ملاحظة الأسباب ليفتح له بالإذن ويرفع الحجاب فيوشك أن يفتح له‏.‏

- ‏(‏ش حم ق د ه عن ابن مسعود‏)‏ قال‏:‏ كنا نسلم على النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا فلم يرد ثم ذكره، وقضيته أن تحريم الكلام في الصلاة كان بمكة قبل الهجرة فإن ابن مسعود إنما قدم من الحبشة إلى مكة قبلها ويعارضه حديث زيد بن أرقم عند الشيخين كنا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يكلم أحدنا صاحبه بحاجته حتى نزلت ‏{‏وقوموا للّه قانتين‏}‏ فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام قال ابن أرقم مدني فظاهر حديثه أن تحريم الكلام في الصلاة كان في المدينة بعد الهجرة وأجيب بأن ابن أرقم لم يبلغه تحريم ذلك إلا حين نزول الآية فيكون نزولها غاية لعدم بلوغ النهي عن الكلام لهم لا لعدم النهي على الإطلاق‏.‏

2331 - ‏(‏إن في الليل لساعة‏)‏ يحتمل أن يراد بها الساعة النجومية وأن يراد جزؤ منها ونكرها حثاً على طلبها بإحياء الليالي ‏[‏ص 472‏]‏ ‏(‏لا يوافقها‏)‏ أي يصادفها ‏(‏عبد‏)‏ في رواية رجل ‏(‏مسلم يسأل اللّه تعالى فيها خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة‏)‏ أي ذلك المذكور يحصل كل ليلة فلا يختص ببعض الليالي بل كائن في جميعها قبيل تلك الساعة في الثلث الأخير الذي يقول فيه اللّه من يدعوني فأستجيب له وقيل وقت السحر وقيل مطلقة وجزم الغزالي بأنها مبهمة في جميع الليالي كـليلة القدر في رمضان وحكمة إبهامها توفر الدواعي على مراقبتها والإجتهاد في الدعاء في جميع ساعات الليل كما قالوه في إبهام حكمة ليلة القدر

- ‏(‏حم م‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن جابر‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

2332 - ‏(‏إن في المعاريض‏)‏ جمع معراض كمفتاح من التعريض وعرفه المتقدمون بأنه ذكر لفظ محتمل يفهم منه السامع خلاف ما يريده المتكلم والمتأخرون كالمولى التفتازاني بأنه ذكر شيء مقصود بلفظ حقيقي أي مجازي أو كنائي ليدل به على شيء آخر لم يذكر في الكلام ‏(‏لمندوحة‏)‏ بفتح الميم وسكون النون ومهملتين بينهما واو سعة وفسحة من الندح وهو الأرض الواسعة ‏(‏عن الكذب‏)‏ أي فيها سعة وفسحة وغنية عنه كقولك للرجل سمعت من تكره يدعو لك ويذكرك بخير ويريد به عند دعائه للمسلمين فإنه داخل فيهم قال الغزالي‏:‏ والحديث فيما إذا اضطر الإنسان إلى الكذب أما إذا لم يكن حاجة ولا ضرورة فلا يجوز التعريض والتصريح جميعاً لكن التعريض أهون قال البيهقي‏:‏ بين بالحديث أن هذا لا يجوز فيما يرد به ضرراً ولا يضر الغير أي كقول ابن جبير للحجاج حين أراد قتله وقال له ما تقول قال قاسط عادل فقال الحاضرون ما أحسن ما قال ظنوا أنه وصفه بالقسط والعدل قال الحجاج يا جهلة سماني مشركاً ظالماً ثم تلى ‏{‏وأما القاسطون‏}‏ الآية ‏{‏ثم الذين كفروا بربهم يعدلون‏}‏ ولم يزل السلف يتحرون التباعد عن الكذب بالتعريض فكان بعضهم يقول لخادمه إذا جاء من يطلبه ولا غرض له يلقيه قل له ما هو هون يريد به الهاون الذي يدق فبه وكان الشعبي يقول لخادمه دور بأصبعك دارة في الحائط وقل له ما هو في الدار وكان الجارحي يقول إذا أنكر ما قاله اللّه يعلم ما قلته بتوهم النفي بحرف ما ويريد أنه موصول‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ من حديث أبي إبراهيم الترجماني عن داود بن الزبرقان عن سعد ابن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن عمران بن حصين مرفوعاً ثم قال ابن عدي لا أعلم أحداً رفعه غير داود ‏(‏هق‏)‏ وكذا ابن السني كما في الدرر ‏(‏عن عمران بن حصين‏)‏ موقوفاً قال البيهقي‏:‏ الصحيح هكذا ورواه أبو إبراهيم عن داود الزبرقاني عن ابن أبي عروبة فرفعه قال الذهبي داود تركه أبو داود انتهى وتخصيص ذينك بالعزو يوهم أنه لا يعرف لأشهر منهما ولا أحق بالعزو وهو غفلة فقد خرجه باللفظ المزبور عن عمران المذكور البخاري في الأدب المفرد‏.‏

2333 - ‏(‏إن في المال لحقاً سوى الزكاة‏)‏ كفكاك الأسير وإطعام المضطر وسقي الظمآن وعدم منع الماء والملح والنار وانفاذ محترم أشرف على الهلاك ونحو ذلك قال عبد الحق فهذه حقوق قام الإجماع على وجوبها وإجبار الأغنياء عليها فقول الضحاك نسخت الزكاة كل حق مالي ليس في محله وما تقرر من حمل الحقوق الخارجة عن الزكاة على ما ذكر هو اللائق الموافق لمذهب الجمهور وله عند جمع من السلف محامل لا تلائم ما عليه المذاهب المستعملة الآن فذهب أبو ذر إلى أن كل مال مجموع يفضل عن القوت وسداد العيش فهو كنز وأن آية الوعيد نزلت فيه وعن علي كرم اللّه وجهه أربعة آلاف نفقة وما فوقها كنز وتأول عياض كلام أبي ذر على أن مراده الإنكار على السلاطين الذين يأخذون لأنفسهم من بيت المال ولا ينفقونه في وجوهه وقال النووي هذا باطل لأن سلاطين زمنه لم تكن هذه صفتهم ولم يخونوا إذ منهم الخلفاء الأربعة رده الزين العراقي بأنه أراد بعض نواب الخلفاء كمعاوية وقد وقع بينه ‏[‏ص 473‏]‏ وبين أبي ذر بسبب ذلك ما أوجب نقله إلى المدينة وهذا الحديث له عند مخرجه الترمذي تتمة وهي ثم تلا ‏{‏ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب‏}‏ الآية وطريق الاستدلال بها أنه تعالى ذكر إيتاء المال في هذه الوجوه ثم قفاه بإيتاء الزكاة فدل على أن في المال حقاً سوى الزكاة قال الطيبي‏:‏ والحق حقان حق يوجبه اللّه على عباده وحق يلتزمه العبد على نفسه الزكية الموقاة عن الشح الذي جبلت عليه وإليه الإشارة بقوله على حبه أي اللّه أوجب الطعام وأنشد‏:‏

تعود بسط الكف حتى لوانه * ثناها لقبض لم تطعه أنامله

- ‏(‏ت‏)‏ في الزكاة ‏(‏عن فاطمة بنت قيس‏)‏ الفهرية من المهاجرات تأخرت وفاتها ثم قال أعني الترمذي أبو حمزة ميمون الأعور أي أحد رواته ضعيف انتهى وقال البيهقي‏:‏ تفرد به ميمون الأعور وهو مجروح ومن ثم رمز المصنف لضعفه‏.‏

2334 - ‏(‏إن في أمتي‏)‏ عام في أمة الإجابة والدعوة ‏(‏خسفاً‏)‏ لبعض المدن والقرى أي غوراً وذهاباً في الأرض بما فيها من أهلها ‏(‏ومسخاً‏)‏ أي تحول صور بعض الآدميين إلى صورة نحو كلب أو قرد ‏(‏وقذفاً‏)‏ أي رمياً لها بالحجارة من جهة السماء يعني يكون فيها ذلك في آخر الزمان وقد تمسك بهذا ونحوه من قال بوقوع الخسف والمسخ في هذه الأمة وجعله المانعون مجازاً عن مسخ القلوب وخسفها‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا البزار ‏(‏عن سعيد بن أبي راشد‏)‏ الجمحي يقال قتل باليمامة قال الهيثمي‏:‏ وفيه عمرو بن مجمع وهو ضعيف‏.‏

2335 - ‏(‏إن في ثقيف‏)‏ القبيلة المعروفة المشهورة ‏(‏كذاباً‏)‏ هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي قام بعد وقعة الحسين ودعا الناس إلى الطلب بثأره وغرضه من ذلك أن يصرف إلى نفسه وجوه الناس ويتوصل به إلى تحصيل الإمارة وكان طالباً للدنيا ذكره شارحون ‏(‏ومبيراً‏)‏ أي مهلكاً لجمع عظيم من سلف هذه الأمة من أبار غيره أهلكه أو المراد به الحجاج‏.‏ قال المصنف‏:‏ اتفقوا على أن المراد بالكذاب هنا المختار بن عبيد المدعي النبوة أن جبريل عليه السلام يأتيه قتله ابن الزبير، وبالمبير الحجاج‏.‏ وقال ابن العربي‏:‏ الحجاج ظالم معتدي ملعون على لسان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم من طرق خارج عن الإسلام عندي باستخفافه بالصحابة كابن عمر وأنس كذا ذكره في المعارضة‏.‏

- ‏(‏م عن أسماء بنت أبي بكر‏)‏ الصديق أم ابن الزبير لما صلب الحجاج ابنها أرسل إليها فلم تأته فأتاها فقال كيف رأيت اللّه صنع بعدوه قالت رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكرته‏.‏

2336 - ‏(‏إن في مال الرجل‏)‏ ذكر الرجل غالبي ‏(‏فتنة‏)‏ أي بلاء ومحنة وفي هنا سببية ‏(‏وفي زوجته فتنة و‏)‏ في ‏(‏ولده‏)‏ فتنة كما نطق به نص القرآن في غيرما مكان ومر توجيهه بما محصوله أنهم يوقعونه في الإثم والعدوان ويقربونه من سخط الرحمن‏.‏

- ‏(‏طب عن حذيفة‏)‏‏.‏

2337 - ‏(‏إن فيك‏)‏ يا أشج واسمه المنذر بن عائذ ‏(‏لخصلتين‏)‏ تثنية خصلة ‏(‏يحبها اللّه تعالى‏)‏ ورسوله قال وما هما يا رسول اللّه قال ‏(‏الحلم‏)‏ أي العقل وتأخير مكافأة الظالم أو العفو عنه أو غير ذلك ‏(‏والأناة‏)‏ التثبت وعدم العجلة وسببه أن قدم عليه في وفد عبد القيس فابتدر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم القوم بثياب سفرهم وتخلف الأشج وهو أصغرهم حتى أناخ وجمع متاعه ولبس ثوبين أبيضين ومشى فقبل يده فذكره فقال يا رسول اللّه أنا أتخلق بهما أم اللّه جبلني عليهما قال بل اللّه جبلك فحمد اللّه وهذا لا يناقضه النهي عن مدح المرء في وجهه لأن ما كان من النبوة فهو وحي والوحي لا يجوز كتمه أو أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم علم من حال الأشج أن المدح لا يلحقه منه إعجاب فأخبره بأن ذلك ‏[‏ص 474‏]‏ مما يحبه اللّه ليزداد لزوماً ويشكر اللّه على ما منحه‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الإيمان ‏(‏ت‏)‏ في البر عن ابن عباس‏.‏

2338 - ‏(‏إن قبر إسماعيل‏)‏ النبي ابن إبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام ‏(‏في الحجر‏)‏ بالكسر هو المحوط عند الكعبة بقدر نصف دائرة فهو مدفون في ذلك الموضع بخصوصه ولم يثبت أنه نقل منه لغيره

- ‏(‏الحاكم في الكنى‏)‏ أي في كتاب الكنى ‏(‏عن عائشة‏)‏ أم المؤمنين‏.‏

2339 - ‏(‏إن قدر حوضي‏)‏ مفرد الحياض ‏(‏كما بين أيلة‏)‏ مدينة بطرف بحر القلزم من طرف الشام كانت عامرة وهي الآن خراب يمر بها حجاج مصر وغزة وغيرهم فيكون أمامهم ‏(‏وصنعاء اليمن‏)‏ احترز عن صنعاء الشام وروى كما بين صنعاء وأيلة ‏(‏وإن فيه من الأباريق‏)‏ أي ظروفاً كائنة من جنس الأباريق فمن بيانية ‏(‏كعدد نجوم السماء‏)‏ في رواية البخاري كنجوم السماء وهو مبالغة وإشارة إلى كثرة العدد عند جمع لكن صوب النووي أنه على ظاهره ولا مانع منه عقلاً ولا شرعاً‏.‏

- ‏(‏حم ق عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

2340 - ‏(‏إن قذف المحصنة‏)‏ أي رميها بالزنا والمحصنة العفيفة ‏(‏ليهدم‏)‏ أي يسقط ويحبط ‏(‏عمل مئة سنة‏)‏ أي يحبط من الأعمال الحسية التي قدمها القاذف عمل مئة سنة بفرض أنه عمر وتعبد مئة عام وهذا تغليظ شديد وحث عظيم على حفظ اللسان عن ذلك والظاهر أن المراد بالمئة التكثير لا التحديد قياساً على نظائره المارة ومن هذا الوعيد الشديد أخذ أنه كبيرة‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏طب ك عن حذيفة‏)‏ ابن اليماني قال الهيثمي‏:‏ فيه ليث ابن سليم وهو ضعيف وقد يحسن حديثه وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

2341 - ‏(‏إن قريشاً أهل أمانة‏)‏ قال الرافعي‏:‏ يجوز أنهم ائتمنوا على التقدم للإمامة وأن المراد أن توقيرهم واحترامهم ومحنتهم ومكانتهم من المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أمانة أئتمن عليها الناس أو المراد قوة أمانتهم وكمالها يرشد إليه خبر علي أمانة الأمير من قريش يعدل أمانة اثنين من غيرهم ‏(‏لا يبغيهم‏)‏ أي لا يطلب لهم ‏(‏العثرات‏)‏ جمع عثرة وهي الخصلة التي من شأنها العثور أي الخرور ‏(‏أحد‏)‏ من الناس ‏(‏إلا كبه اللّه‏)‏ أي قلبه ‏(‏لمنخريه‏)‏ أي صرعه أو ألقاه على وجهه يعني أذله وأهانه وخص المنخرين جرياً على قولهم رغم أنفه وأرغم اللّه أنفه أي ألقاه في الرغام واللام في المنخرين لام التخصيص فيفيد أن الكب لهما خاصة وهذا كناية عن خذلان عدوهم ونصرهم عليه كيف وقد طهر اللّه قلوبهم وقربهم وهم وإن تأخر إسلامهم فقد بلغ فيهم المبلغ العلي‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ‏(‏خط طب عن رفاعة‏)‏ بكسر الراء وفتح الفاء مخففة ‏(‏ابن رافع‏)‏ ضد الخافض الأنصاري المدني له رواية قال إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لعمر اجمع لي قومي فجمعهم ثم دخل عليه فقال أدخلهم عليك أو تخرج إليهم قال بل أخرج إليهم فقال هل فيكم من أحد غيركم قالوا نعم حلفاؤنا منا وبنو إخواننا وموالينا قال حلفاؤنا منا وبنو إخواننا منا وموالينا وأنتم لا تسمعون أوليائي منكم المتقون فإن كنتم أولئك فذاك وإلا فانظروا لا يأتي الناس بالأعمال يوم القيامة وتأتون بالأثقال فيعرض عنكم ثم رفع يديه وقال يا أيها الناس إلخ ما هنا قالها ثلاثاً قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني والبزار ورجال أحمد وأحد إسنادي الطبراني ثقات‏.‏

‏[‏ص 475‏]‏ 2342 - ‏(‏إن قلب ابن آدم‏)‏ أي ما أودع فيه ‏(‏مثل العصفور‏)‏ الطائر المعروف ‏(‏يتقلب قي اليوم سبع مرات‏)‏ الظاهر أن المراد بالسبع تكثير التقليب لا التحديد أخذاً من نظائره ثم الكلام في قلب الإنسان لا في مطلق الحيوان كما نطق به الخبر وخصه لأنه محل المعارف والعلوم والأفعال الإختيارية وإدراك الكليات والجزئيات والحيوان وإن وجد فيه شكله وقام به ما يدرك مصالحه ومنافعه ويميز به بين مفاسده ومضاره لكنه إدراك جزئي طبيعي وشتان ما بينه وبين إدراك العلميات والاعتقادات وبهذا المعنى امتاز عن بقية الأعضاء وكان صلاحها بصلاحه وفسادها بفساده‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الإخلاص ك‏)‏ في الرقائق ‏(‏هب عن أبي عبيدة‏)‏ بن الجراح رضي اللّه عنه قال الحاكم على شرط مسلم وردّه الذهبي وقال فيه انقطاع‏.‏

2343 - ‏(‏إن قلب ابن آدم بكل واد‏)‏ قال الطيبي‏:‏ لا بد فيه من تقدير أي في كل واد له ‏(‏شعبة‏)‏ من شعب الدنيا يعني أن أنواع المتفكر فيه بالقلب متكثرة مختلفة باختلاف الأغراض والشهوات والنيات وإذا كانت القلوب كثيرة الالتفات سريعة التقلب والحركات فلا بد للعبد من جمع همته عن بعض الجهات والاعراض عن غيرها لئلا يتبدد همه ‏(‏فمن‏)‏ جعل همه الآخرة فاز ومن خالف ‏(‏أتبع قلبه الشعب‏)‏ وتشعب القلب همومه المتشعبة وأمانيه وأوديته طرق الهوى إلى أنواع شهوات الدنيا ‏(‏كلها لم يبال اللّه تعالى بأي واد أهلكه‏)‏ لاشتغاله بدنياه وإعراضه عن مولاه ‏(‏ومن توكل على اللّه كفاه الشعب‏)‏ أي كفاه مؤونة حاجاته المتشعبة المختلفة فإذا قطع العبد شغل جوارحه عن الدنيا في وقت فكرته وتقيده ومنع قلبه من التشتت في ميادين الأمور الدنيوية اجتمع همه وحضر عقله فإذا حضر له ذلك ثم تفكر بالتوكل على الرحمن لا على عقله فتحت له الفكرة باب الفهم لكلام ربه ومعرفته ومواقع وعده ووعيده ‏{‏إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد‏}‏‏.‏ قيل‏:‏ باع ابن عمر حماراً له وقال كان لنا موافقاً لكنه أذهب شعبة من قلبي فبعته لذلك والشعبة الظائفة والقطعة من الشيء قال الزمخشري‏:‏ شعبة الشيء ما تشعب منه أي تفرع كغصن الشجرة وشعبة الجبال ما تفرق من رؤوسها فأصل الشعب وما اشتق منه للتفريق وإنما قيل لضده وهو الملامة لوقوعها عقب التفريق أو بعده اهـ‏.‏ وقد أبان الخبر أن القلب هو محل العلوم والمعارف والأفعال الاختيارية وأن الحواس معه كالحجاب مع الملك لأنها تدرك المعلومات ثم تؤديها إليه ليحكم عليها ويصرف فيها فهي آلات وخدمة له وهي معه كملك مع رعيته وهو محل العقل عند الأكثر ‏{‏أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها‏}‏ ‏{‏ولكن تعمى القلوب‏}‏ وبه رد على القائلين بأنه في الدماغ كأبي حنيفة والأطباء‏.‏

- ‏(‏ه عن عمرو بن العاص‏)‏ وفيه صالح بن رزين قال في الميزان حدث بحديث منكر ثم ساق هذا الخبر‏.‏

2344 - ‏(‏إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين‏)‏ أي هو سبحانه قادر على تقليب القلوب باقتدار تام كما يقال فلان بين أصبعي ويراد به كمال التصرف فيه فهو تمثيل أو أراد بالأصبعين الداعيتين لأن القلب صالح لميله إلى الإيمان والكفر ولا يميل لأحدهما إلا عند حدوث داعية وإرادة يحدثها اللّه تعالى قال الطيبي‏:‏ وفي جمع القلوب إشعار برأفته ورحمته على أمته ‏(‏من أصابع الرحمن‏)‏ نسب تقلب القلوب إليه تعالى إشعاراً بأنه تولى بنفسه أمر قلوبهم ولم يكله لأحد من ملائكته وخص الرحمن تعالى بالذكر إيذاناً بأن ذلك لم يكن إلا لمحض رحمته وفضل نعمته كي لا يطلع أحد غيره على ‏[‏ص 476‏]‏ سرائرهم ولا يكتب عليهم ما في ضمائرهم ذكره القاضي واعتراضه بأنه جاء في رواية من أصابع اللّه فلا يتم ما ذكره في حيز الرد لأن عدم إشعار إحدى الروايتين بفائدة زائدة لا ينافي إشعار الأخرى ‏(‏كقلب واحد يصرفه حيث‏)‏ وفي رواية كيف ‏(‏يشاء‏)‏ أي يتصرف في جميع قلوبهم كتصرفه في قلب واحد لا يشغله قلب عن قلب أو معناه كتصرف واحد منكم في قلب واحد فهو إشارة إلى تمام قدرته على تصريفها ولا يشغله شأن عن شأن قال الطيبي‏:‏ وليس المراد أن تصرفه في القلب الواحد أسهل عليه من التصرف في القلوب كلها فإن ذلك عنده تعالى سواء ‏{‏إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون‏}‏ لكن ذلك راجع إلى العباد وإلى ما شاهدوه وعرفوه فيما بينهم كقوله سبحانه ‏{‏وهو أهون عليه‏}‏ أي أهون فيما يجب عندكم وينقاس على أصولكم وتقتضيه عقولكم وإلا فالإبتداء والإنشاء عنده سواء قال الإمام الرازي‏:‏ وهذا عبارة عن كون القلب مقهوراً محدوداً مقصوراً محصوراً مغلوباً متناهياً وكلما كان كذلك امتنع أن يكون له إحاطة بما لا نهاية له فالإحاطة بجلاله متعذرة وفيه أن المؤمن ينبغي كونه بين الخوف والرجاء‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الإيمان بالقدر وكذا النسائي ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص وتمامه عند مسلم ثم فال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏"‏اللّهم مصرف صرف قلوبنا على طاعتك‏"‏‏.‏

2345 - ‏(‏إن كذباً عليَّ‏)‏ بفتح الكاف وكسر المعجمة ‏(‏ليس ككذب‏)‏ بكسر الذال ‏(‏على أحد‏)‏ غيري من الأمة فإن الكذب عليه أعظم أنواع الكذب لأدائه إلى هدم قواعد الدين وإفساد الشريعة وإبطال الأحكام ‏(‏فمن كذب عليَّ متعمداً‏)‏ أي غير مخطىء في الإخبار عنى بالشيء على خلاف الواقع ‏(‏فليتبوأ‏)‏ أي فليتخذ لنفسه ‏(‏مقعده من النار‏)‏ مسكنه أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التحذير أو التهكم أو الدعاء على فاعل ذلك أي بوأه اللّه ذلك واحتمال كونه أمراً حقيقة والمراد من كذب علي فليأمر نفسه بالتبوىء بعيد وهذا وعيد شديد يفيد أن الكذب عليه من أكبر الكبائر بل عده بعضهم من الكفر قال الذهبي‏:‏ وتعمد الكذب عليه من أكبر الكبائر بل عده بعضهم من الكفر وتعمد الكذب على اللّه ورسوله في تحريم حلال أو عكسه كفر محض قال‏:‏ ولاح من هذا الخبر أن رواية الموضوع لا تحل‏.‏

- ‏(‏ق عن المغيرة‏)‏ بن شعبة ‏(‏ع عن سعيد بن زيد‏)‏ ورواه أيضاً البزار وأبو يعلى وكثيرون‏.‏

2346 - ‏(‏إن كسر عظم المسلم ميتاً ككسره حياً‏)‏ في الإثم وبه صرح في رواية وهذا قاله لحفار أخرج عظماً أو عضداً فذهب ليكسرها وخرج بقولهم في الإثم القصاص فلو كسر عظم ميت أو فقأ عينه فلا قود بل يؤدب لجرأته على المثلة‏.‏

- ‏(‏عب ص د ه عن عائشة‏)‏ أم المؤمنين‏.‏

2347 - ‏(‏إن كل صلاة تحط ما بين يديها من خطيئة‏)‏ يعني تكفر ما بينها وبين الصلاة الأخرى من الذنوب كما يوضحه روايات أخر والمراد الصغائر وعلى هذا التقرير فالمراد بالصلاة المفروضة‏.‏

- ‏(‏حم طب عن أبي أيوب‏)‏ الأنصاري قال الهيثمي وإسناده حسن‏.‏

2348 - ‏(‏إن للّه تعالى عتقاء‏)‏ من النار ‏(‏في كل يوم وليلة‏)‏ يعني من رمضان كما جاء في رواية أخرى ‏(‏لكل عبد منهم‏)‏ أي لكل إنسان ‏[‏ص 477‏]‏ من أولئك العتقاء ‏(‏دعوة مستجابة‏)‏ أي عند فطره أو عند بروز الأمر بعتقه وهذه منقبة عظيمة لرمضان وصوامه وللدعاء والداعي‏.‏

قال الحكيم‏:‏ دعاء كل إنسان إنما يخرج على قدر ما عنده من قوة القلب فربما يخرج شديد النور شمس تطلع وقد يخرج دعاء بمنزلة قمر يطلع ودعاء يخرج ببعض تقصير فنوره كالكواكب‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي هريرة أو أبي سعيد‏)‏ الخدري شك الأعمش ‏(‏سمويه عن جابر‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح كذا ذكره في موضع وأعاده في آخر وقال فيه أبان بن أبي عياش متروك‏.‏

2349 - ‏(‏إن للّه عباداً يعرفون الناس‏)‏ أي أحوالهم وضمائرهم ‏(‏بالتوسم‏)‏ أي التفرس غرقوا في بحر شهوده فجاد عليهم بكشف الغطاء عن قلوبهم فأبصروا بها بواطن الناس واطلعوا على ضمائرهم وأما من شغل بنفسه ودواهيها فليس من أهل هذا الباب بل فراسته خدعت نفسه له حتى تدسه في التراب وتمام الحديث ثم قرأ ‏{‏إن في ذلك لآيات للمتوسمين‏}‏‏.‏

‏(‏تتمة‏)‏ قال الداراني‏:‏ القلب بمنزلة قبة مضروبة حولها أبواب مغلقة فأي باب فتح من القلب بعمله انفتح له باب إلى جهة الملكوت والملأ الأعلى وينفتح ذلك الباب بالمجاهدة والورع والإعراض عن الشهوات ولذلك كتب عمر إلى أمراء الأجناد احفظوا ما تسمعون من المطيعين فإنه ينجلي لهم أمور صادقة، وقال بعضهم‏:‏ يد اللّه على أفواه العلماء لا ينطقون إلا بما هيأه اللّه لهم من الحق وقال آخر لو شئت لقلت إن اللّه يطلع الخاشعين على بعض سره وقال الجنيد‏:‏ المحدث إذا قرن بالقديم اضمحل ولم يبق له أثر وشتان بين من ينطق عن درسه أو نفسه وبين من ينطق عن ربه ‏{‏وما ينطق عن الهوى‏}‏ وقال ابن عربي‏:‏ لا تنكر على الصوفية النطق عن الغيب مع إيمانك بالمثال المحسوس‏:‏ أن المرآة إذا صقلت وجلى عنها الصدأ وتجلت صورة الناظر فيها أليس يرى نفسه حسناً أو قبيحاً فإن جاء أحد خلفه تجلت صورته في المرآة فأبصره على أية صورة هو ولم يره بعينه المعهودة فمن عمد إلى مرآة قلبه فجلاها من صدأ الأغيار وأماط عنها كل حجاب يحجبها عن تجلي صور المعقولات والمغيبات بأنواع الرياضات والمجاهدات صفت وتجلى فيها كل ما قابلها من المغيبات فنطق على شاهد ووصف ما رأى ‏{‏ما كذب الفؤاد ما رأى‏}‏‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي في نوادره ‏(‏والبزار‏)‏ في مسنده وكذا الطبراني وأبو نعيم وابن جرير وابن السني ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ إسناده حسن وتبعه السخاوي لكن في الميزان عن أبي حاتم في ترجمة بشر بن الحكم أنه روى خبراً منكراً وهو هذا واللّه أعلم‏.‏

2350 - ‏(‏إن للّه تعالى عباداً اختصهم بحوائج الناس‏)‏ أي بقضائها ولفظ رواية الطبراني بدل عباداً اختصهم إلى آخره‏:‏ خلقاً خلقهم لحوائج الناس ‏(‏يفزع الناس إليهم‏)‏ أي يلجئون إليهم ويستغيثون بهم ‏(‏في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب اللّه‏)‏ أضافهم إليه إضافة اختصاص وخصهم بالنيابة عنه في خلقه وجعلهم خزائن نعمه الدينية والدنيوية لينفقوا على المحتاجين فيجب شكر هذه النعمة ومن شكرها بذلها للطالبين وإغاثة الملهوفين ليحفظ أصول النعم وتثمر الزيادة من المنعم كما خص قوماً بحجج العلوم الدينية في العقائد وبعلوم شريعة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ومعرفة الحلال والحرام في الفروع الفقهية فإن هؤلاء قوم عرفوا اللّه معرفة التوحيد واعترفوا له باللسان وقبلوا العبودية وقاموا بحقوق الخلق إعظاماً لجلال الحق فجوزوا بالأمان من عذاب النيران وهذا يوضحه خبر الطبراني أيضاً ‏"‏إن للّه عباداً استخصهم لنفسه لقضاء حوائج الناس وآلى على نفسه أن لا يعذبهم بالنار فإذا كان يوم القيامة أجلسوا على منابر من نور يتحادثون إليه والناس في الحساب‏"‏‏.‏

- ‏(‏طب عن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ فيه شخص ضعفه ‏[‏ص 478‏]‏ الجمهور وأحمد بن طارق الراوي عنه لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

2351 - ‏(‏إن للّه تعالى عند كل فطر‏)‏ أي وقت فطر كل يوم من رمضان وهو تمام الغروب ‏(‏عتقاء‏)‏ من صائمي رمضان ‏(‏من النار‏)‏ أي من دخول نار جهنم ‏(‏وذلك‏)‏ يعني العتق المفهوم من عتقاء ‏(‏في كل ليلة‏)‏ أي من رمضان كما جاء مصرحاً به في روايات أخر وهذا أيضاً معلم بعظم فضل الشهر وصومه‏.‏

- ‏(‏ه عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ‏(‏حم طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي رجال أحمد والطبراني موثقون انتهى وقال البيهقي عقب تخريجه هذا غريب ومن رواية الأكابر عن الأصاغر وهي رواية الأعمش عن الحسين بن واقد اهـ‏.‏ وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ولكن ردّ‏.‏

2352 - ‏(‏إن للّه تعالى أقواماً يختصهم بالنعم لمنافع العباد‏)‏ أي لأجل منافعهم ‏(‏ويقرها فيهم ما بذلوها‏)‏ أي مدة دوام إعطائهم منها للمستحق ‏(‏فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم‏)‏ لمنعهم الإعطاء للمستحق ‏{‏إن اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم‏}‏ فالعاقل الحازم من يستديم النعمة ويداوم على الشكر والإفضال منها على عباده واكتساب ما يفوز به في الآخرة ‏{‏وابتغ فيما آتاك اللّه الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن اللّه إليك‏}‏‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر ‏(‏في قضاء الحوائج‏)‏ أي كتابه المؤلف في فضل قضاء حوائج الناس ‏(‏طب حل‏)‏ وكذا البيهقي في الشعب والحاكم بل وأحمد ولم يحسن المصنف بإهماله ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الحافظ العراقي وتبعه الهيثمي فيه محمد بن حسان السمبتي وفيه لين ووثقه ابن معين يرويه عن أبي عثمان عبد اللّه بن زيد الحمصي وقد ضعفه الأزدي‏.‏

2353 - ‏(‏إن للّه تسعة وتسعين اسماً‏)‏ منها ما هو ثبوتي ومنها ما هو سلبي ومنها ما هو باعتبار فعل من أفعاله لكنها توقيفية على الأصح فلا يحل اختراع اسم أو وصف له إلا بقرآن أو خبر صحيح مصرح به لا بأصله الذي اشتق منه فحسب ولم يذكر لنحو مقابلة أو مشاكلة ‏(‏مئة إلا‏)‏ اسماً ‏(‏واحداً‏)‏ بدل من اسم إن أو تأكيد وأنصب بتقدير أعني وزاده حذراً من تصحيف تسعة وتسعين بسبعة وسبعين أو مبالغة في المنع عن الزيادة بالقياس ‏(‏من أحصاها‏)‏ حفظها أو أطاق القيام بحقها أو عرفها أو أحاط بمعانيها أو عمل بمقتضاها بأن وثق بالرزق إذ قال الرزاق مثلاً وهكذا وعدّها كلمة كلمة تبركاً وإخلاصاً والفضل للمتقدم وسيجيء ما يؤيده ‏(‏دخل الجنة‏)‏ مع السابقين الأولين أو بغير سبق عذاب وليس في الخبر ما يفيد الحصر في هذا العدد لأن قوله من أحصاها صفة تسعة وتسعين ويدل لعدم الحصر خبر أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك وخصها لأنها أشهرها أو أظهرها معنى أو لتضمنها معاني ما عداها أو لأن العدد زوج وفرد والفرد أفضل ومنتهى الإفراد بلا تكرار تسعة وتسعون أو لغير ذلك كما سبق توضيحه ‏.‏